كيف أُعيد بناء الهيكل؟

قصة 414

من كتاب قصص قصيرة لابونا تادرس يعقوب ملطي

كيف أُعيد بناء الهيكل؟



يروي البعض عن داريوس ملك فارس أنه قام من نومه على صوت حُرَّاسه الشبان الثلاثة، كانوا خارج حجرة نومه، وقد دخلوا في حوارٍ فارتفعت أصواتهم. لم يثر الملك ولا غضب لكنه أنصت إلى الحوار ليعرف ما هو سبب احتدادهم.

سمعهم يتساءلون: "ما هو أقوى شيء في العالم؟"

استقر حوارهم أن يكتب كل منهم رأيه في ورقة، ويضعون الأوراق الثلاثة تحت وسادة الملك، ويقوم الملك بالحكم بينهم ليُقدم مكافأة لأفضل إجابة.

بالفعل كتب الأول: "الخمر هي أقوى شيء في العالم"، والثاني "الملك هو أقوى شخص في العالم"، والثالث "الحق هو أقوى ما في العالم".

وجد الملك الأوراق الثلاثة، وجمع رجال الدولة والحكماء في مجلس أشبه بمجلس قضاء لبحث الأمر.

سأل الملك حرّاسه أن يوضح كل منهم وجهة نظره.

قال الأول:

"أيها الرجال أنتم تعلمون مدى قوة الخمر!

إنها تجعل من عظماء الرجال أغبياء.

كثيرون من أقوياء الملوك سلكوا كأطفال صغار بلا فهم ولا وعي بسبب الخمر.

إذ يسكر الإنسان يظن في نفسه أنه أقوى الرجال، وأغنى إنسان في الوجود بينما هو ضعيف للغاية وفقير.

بالخمر يفقد الإنسان قدرته على التفكير السليم، كما يفقد أحيانًا ذاكرته.

بالخمر يفقد الإنسان اتزانه، تارة يضحك، وأخرى يسخر بغيره، وثالثة يغضب ويثور، وقد يؤذي من حوله…

إن كانت الخمر تفعل هذا أفليست أقوى شيء في العالم؟!"

تحدث الشخص الثاني قائلاً:

"الملك هو أقدر إنسانٍ في الدولة.

يأمر بقيام حرب، وليس من يقدر أن يمنعه.

يتحرك الآلاف إلى المعركة، ويموت كثيرون، وإذ يغلبون يأتون بالغنيمة للملك.

يعمل المزارعون والتجار وأصحاب المصانع… وينال الملك نصيبًا كبيرًا كضريبة.

الكل يُطيعونه، وهو يفعل حسبما يراه.

أيها القضاة ألا ترون أن الملك هو أقدر شخص وأقوى من الكل؟!"

بعد ذلك تقدم الشاب الثالث وقال:

"عظيم هو الحق يا جلالة الملك، وهو أقوى من كل شيء.

الخمر شريرة، ويمكن للملك أن يكون شريرًا، وربما كل البشر يمكن أن يكون أشرارًا… والكل سيهلكون يومًا ما، أما الحق فيبقى إلى الأبد.

الحق قوي، لن يموت، ولن ينهزم.

الحق لا يُحابي الوجوه، ولا يقبل أية رشوة.

الحق يعمل ما هو عادل، إنه قوى.

له المُلك والقوة والعظمة في كل الأجيال.

مبارك هو اللَّه الحق ذاته."

إذ سمع الحاضرون صرخوا قائلين: "عظيم هو الحق، قادر أكثر من كل شيء".

عندئذ سأل الملك والحارس وكان يُدعى زرُبابل: "اسألني ما تريده. أنت أحكم الجميع".

أجابه زرُبابل:

"تذكر يا جلالة الملك وعدك أنك تبني أورشليم حين تصير ملكًا.

لقد نذرت بأنك ستُعيد بناء الهيكل.

فلُتفِ بوعدك الذي تعهدت به أمام ملك السماء!"

عندئذ قبّله الملك وأرسله إلى أورشليم متهللاً. فرفع الشاب عينيه نحو السماء وصلى إلى اللَّه قائلاً: "من عندك الحكمة، لك المجد، فإني عبدك".

هكذا بالحكمة حثّ زربابل ملك فارس على إعادة بناء أورشليم.



V V V



هب لي ذاتك يا أيها الحكمة الإلهي.

أقتنيك فأقتني الحق،

بك أصير قوي يا قوة اللَّه!

أنت مصدر الحكمة والحق والقوة!

أنت تسبحتي وقوتي يا مخلصي الصالح!



V V V