أعلمك (أنت) وأرشدك الطريق التي تسلكها (أنت) أنصحك عيني عليك (مزمور32:
لا أستطيع أبداً أن أقتبس خطوات الآخرين لأسير فيها، هم ليسوا إلا بشر مهما كانت حالتهم الأدبية، ومن ناحية أخرى ينبغي أن يكون الرب متقدماً في كل شيء.
عندما يعطيني الرب انطباعات فكره في الآخرين، هذا لا يعني بالضرورة أن هذا هو فكره من جهتي. قد يكون هناك مَنْ لا بد أن تعترف أنهم « العرفاء »: (يش3). لكن حلقة الإرشاد والقيادة لم تكن بين الشعب وبينهم، بل مع الرب مباشرة. نعم إنه قد تكون الانطباعات التي ينشئها الرب في الآخرين مُفيدة لنا، ولكنهم ليسوا إلا « حاملين إياه » وأنا لا أسير وراءهم بل « وراءه ».
كان على الشعب أثناء عبورهم الأردن أن يحتفظوا بالمسافة الكافية « ألفي ذراع » ليرى الجميع التابوت، لتكون أعين الجميع على التابوت نفسه.
لا بد أن تكون النفوس ـ كل نفس ـ في اقتران واتحاد مباشر بالرأس لمعرفة فكره من جهتها (رسالة كولوسي). إن الاكتفاء بأخذ فكر الرب كما هو في أذهان الآخرين، مهما كانوا، يضع الإنسان بيننا وبين الرب ولا تكون النتيجة سوى النظام البشري والتقليد.
لا يوجد شيء أكثر ضرراً للنفس من أن توكل الأمور إلى « فئة » خاصة من الناس ليكونوا هم مستودع فكر الرب من جهة أي أمر ويُترَك الباقون بلا تدريب للضمير والنفس لمعرفة فكره.
نعم ينبغي لي، لا بل هو امتيازي وكرامتي أن أعرف لنفسي فكر الرب من جهتي، وإن كان هذا من خلال انطباعات الآخرين.
الرب لا يريد إلاَّ أن أكون في ارتباط مباشر معه، إنه لا يريدني تحت « أوصياء ووكلاء » كالقاصر. ولكن « بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب: (غل4).
لقد أرادت نازفة الدم أن تلمس هدب ثوب الرب لتأخذ الشفاء وتمضي، ولكن خسارتها كانت ستكون فادحة لو لم « يلتفت » الرب إليها ليستحضرها إلى شخصه. أعتقد أن عملية « التفات » الرب لكشفنا كما كشف المرأة التي أرادت أن تختفي، عملية مُذِلة، ولكنها طريق بركة أعظم. إنها تعطينا لا البركات فحسب، وإنما ضمان البركات أيضاً بمعرفة الرب ذاته.